وعليكم السلام ورحمة الله...
أخي الحسين شكرا علي طرحك هذا السؤال المهم جدا. وسأحاول الاجابة عليه بما يلي:
إن الحمية القبلية أو -النعرية-هي عادة قديمة كانت موجودة عند العرب في الجاهلية فكانوا يسفكون من أجلها الدماء ...وقد يكون سبب ذالك شخص قتل شخصا أو سب شخصا ... فتقع بسبب ذالك حرب ضروس.
نعم إن القبيلة كتلة اجتماعية اعترف بها الاسلام جاء في القرآن الكريم: {{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}} (13) الحجرات.
ولكن علينا أن ننتبه إلي النقطة التي أشارت إليها الاية الكريمة وهي أن التفاضل بين البشر-سواء كان علي مستوي الفرد أو القبيلة- يكمن في التقوي.
وعليه فإذا كانت هذه النعرية من أجل رد الحق المغصوب إلي أهله أو رد صولت الصائل الجائر ... فلا بأس بذالك.
ولذالك قال رسول الله صل الله عليه وسلم بعد أن أكرمه الله بالرسالة عن (حلف الفضول) الذي شهده في الجاهلية وقبل البعثة
: {لَقَدْ شَهِدْتُ فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ وَلَوْ أُدْعَى بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ}.
المصدر سيرة ابن هشام ج1ص133
وقد فعلت ذالك الحلف قبائل من قريش تعاهدت وتعاقدت أن لا تجد مظلوما بمكة إلا نصرته وأنصفته ممن ظله
وجاء في الحديث:عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَصَرْتُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ أَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: «تَكُفُّهُ عَنِ الظُّلْمِ، فَذَاكَ نَصْرُكَ إِيَّاهُ» رواه الترمذي وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
هذه هي الحمية القبلية الجائزة أما أن تنصر أخاك علي غيره والحال أنه معتد عليه وظالم له فذاك لا يجوز حتي ولو كان المعتدي عليه كافرا لأن ذالك داخل في باب الظلم والظلم لا يجوز مطلقا والدليل ما جاء في الحديث القدسي {ياعبادي إني حرمت الظلم علي نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا} رواه مسلم. والله أعلم.