استجواب حول الصحراء

يوم 20 في شهر 9 سنة 1999

كل سؤال له جواب.

كنت يوما اسأل امحمد ولد ملد قائلاً: أين بلادكم أن كانت لديكم بلاد؟
ج: من جبال باني جنوباً إلى جبل تامريكت في ما يسمى الآن بموريتانيا ومن اتجاه الشرقي محاميد الغزلان ومن اتجاه الغربي أيدار.
س: هل لديكم وثائق تثبت هذا الكلام؟
ج: وهل اشرينها من احد لكي تكون لها وثائق؟ !
هذه بلادنا وبلاد أجدادنا وأجدادهم, دفنوا هنا ونحن سوف ندفن فيها أيضا, عند إذن افعلوا فيها ما تشاءون, ولا تنسى إن البلاد كلها بلاد لله والعبد يولد فيها ويموت.
س: ما هي القبائل التي تشارككم الحدود؟ وهل لديهم وثائق؟
ج: القبائل التي في شمال جبال باني لديها وثائق للملك على سبيل المثال:
دوار أو جنان أو معذر وهكذا, أما من جبال باني جنوبا وغربا وشرقا فتلك ارض جموع. أما عن سؤالك عن القبائل التي تشاركنا الحدود فإذا كنت تريد الحقيقة فالقبائل التي كانت ولا تزال تشد رحالها في الصحراء لم تستقر لكي تغرس الصبار أو الزيتون لكي تجعل الحدود بينها.
أن قبائل اتروق الماشية إذا سقطت الأمطار في تيرس فترحل إلى هناك, وإذا سقطت الأمطار في نواحي أدرار أو نواحي نهر البارد
أو نواحي وادي درعة يرحلون إلى هناك, وهكذا هذه هي دنيتهم.
س: ماذا عملتم من عمل صالح في الصحراء انتم كقبائل؟
ج: لا شيء يستحق الذكر إننا نحفر الآبار لكي نسقوا ما لدينا من الماشية
ونصلح المسالك في الجبال لكي نمر منها.
س: وما هو السبب الذي جعلكم لم تهتموا بعمل صالح في أرضكم؟
ج: الأسباب كانت كثير بابني وإذا أرضت أن تعرفها فلابد لك من تعرف تاريخ قبائل الصحراء وعندها تعرف الأسباب.
س: إذا كان من الممكن أن تشرح لي كل شيء لو سمحت؟
ج: الصحراء ليست مثل شمال المملكة, الصحراء غير صالحة للفلاحة
وشديدة الحرارة, والماء الذي فيها حار جدا وقليل .
س:هل هذا هو السب الذي منعكم من تعملوا في أرضكم ثم تستقروا فيها؟
ج: كلا هناك سبب أخر, كان الأمن غير متوفر في الصحراء فقد كانت بعض القبائل تعتدي على قبائل أخرى لهذا كان الإنسان في الصحراء لا
يقدر على السفر منفرداً.
وكل هذا وذاك كان هوا اسبب التي جعل الإنسان غير قادر على أن
يحفر بئر أو يبني منزلا في وادي في الصحراء لكي يستقر منفردا.
كانت كل قبيلة منطوية على نفسها تخشى من الأشرار المنتشرين في المسالك وأودية وفي الجبال من كل قبيلة من قبائل الصحراء.
س: أين ذهبت الدولة عنكم في هذا التاريخ التي أنت تتحدث عنه؟
ج: كانت المملكة في تلك الفترة ضعيفة جدا ليس لديها جيش قوي
لكي يسيطر على جميع تراب المملكة.
وهذا هو السبب الذي جعل دول أوربا تستعمرنا إلى سنة 1975.
س: ماذا كنتم تفعلون انتم وأجدادكم؟ هل لديك معلومات عنهم لكي تفيدني؟
ج: كل جيل له أحلام ونحن مثل أبائنا وأجدادنا تقريبا أحلامنا متشابهة
كانت ترتكز على البحث عن الرزق من أجل العائلة, علما أن زمن كا صعب للغاية وعند ما نحصل على شيء للعائلة, نهتم بعد ذالك بالشوؤن القبيلة, ثم نراقب القبائل ماهية تحركاتهم خصوصاً القبائل التي بينا
وبينهم خلاف.
نقول أن ابأكم وأجدادكم أميون ولكن كانوا
يتحملون مسؤولية ثقيلة في زمن صعب للغاية. أما انتم وفرت لكم الدولة كل الشيء, واهم ما وفرت لكم هو الأمن وهذا شيء مهم للغاية وانتم لم تقدروا ثمنه, وهذا هو السبب إلي جعلكم لم تفهموا المأساة التي كانوا فيها أجدادكم من مشاكل ومجاعة وغير ذلك كالحروب.
س: من أين كنتم تبحثون على الرزق لعائلتكم ؟
ج: كنا نبحث على الجراد إذا علمنا بتواجده في الصحراء الكبرى.
كما كنا نحمل الملح من الصحراء لكي نستبدله بالتمر في شمال المملكة.
ونبحث كذلك عن ترفاس وافزو, وكان الشعير قليل جدا وثمنه مرتفع.
أما إذا سقطت الأمطار فيكفينا البن والنباتات: كالكارسة - ولغريمة -
ولغجبلي - والخروب في شجرة الطلح - و انيش وغيرها من النباتات
يحمينا من الجوع.
وهكذا في مواجه مع الزمن إلى سنة 1934 عندما سيطر المستعمر
على جميع تراب المملكة ونزع السلاح من يد القبائل, في تلك الفترة عاد الآمن في الصحراء وازدهرت التجارة, فاصبحت الناس تعرف ما هو الدقيق وسكر وغير ذالك من المواد الغذائية.
س: هل كنتم من المرحبين بالمستعمر الفرنسي والاسباني؟
ج: كلا! كلا! بالعكس كنا من بين القبائل التي قاومت ضد المستعمر
واستشهد منا الكثير, لكنه تفوق علينا بعتاده فغطى جميع التراب.
س: أيضا المستعمر عاد عليكم بالفائدة أنقدكم من الجوع ومن الخوف.
ج: أنا لم أكن من المرحبين بالمستعمر, ولكن كلمة حق أن الصحراء
قبيل المستعمر كانت القبائل فيها تتقاتل فيما بينها وعندما عاد المستعمر
أخمدت نار الفتنة .
س: لماذا قبائل الصحراء لم تتفق قبل الاستعمار لكي يكونوا حامية على
من أراد أن يستعمرهم أو يلحق بهم السوء؟
ج: انتم الآن شعب وقبائل لكم دولة لها جيش وشرطة, فهل انتم متفقين كلا ليس هنا أو في أي مكان شعب أو قبائل أو أفراد حتى ولو كانوا اخوة متفقون على رأي واحد فلابد من خلاف بين الطرفين الى يوم القيامة هذه هي الحياة.
س: ما هي المسؤولية التي كنتم انتم وأبأيكم تتحملوها أصعب من ما نتحمله نحن في هذا العصر؟
ج: انتم في هذا العصر وفرت لكم الدولة الوظيفة وطرق والأمن كما وفرت لكم الماء والكهرباء والهاتف والأسواق في كل فج في الصحراء ومتوفر لكم في السوق كل ما تحتاجوه من مواد الغذائية.
لقد وفرت لكم كل شيء وانحصرت مسؤوليتكم في العمل وفي أخر الشهر تحصلون على راتب محترم من الدولة أو من شركة, ثم تشترون حاجياتكم من السوق القريب من محل سكناكم .
أما أجدادكم ليس كذالك كل ما اتجهوا إليه كان صعب للغاية, على سبيل المثال: إذا أرادوا الماء فأقرب بئر على بُعد أميال.
ثم أن الأمن مفقود, أن أجدادكم كانوا كل فرد منهم بأربعة ادوار في الحياة يستحيل أبناء جيلكم أن يقوموا بها كلها في آن واحد:
1- أن يكون رجل أعمال.
2- و جندي مستعد للدفاع عن قبيلته.
3- و شرطي يحافظ على الأمن.
4- و دبلوماسي بارع في السياسة لكي لا يورط قبيلته في مشكلة
مع الآخرين.
س: كيف كانوا يفهمون أمور السياسة وهم أميون يجهلون الكتابة والقراءة؟
ج: بابني أن كل زمان له رجاله, صحيح أن أجدادكم لم يتعلموا الكتابة
ولكن كانوا أذكياء وزعماء بحق, علما أن في تلك الفترة ليس هناك مدارس لكي يتعلم الإنسان أو يعمل, كما أن الصحراوي كان يعتمد على رعي الماشية والصيد وهذه مهن لم تطلب ثقافة كما تعلم.
س: وضح لي كيف كانوا يفهمون في السياسة؟
ج: انتم الآن عندما يقع شجار فيما بينكم فالشرطة في الأغلب هي التي تحل هذا المشكل, أما أجدادكم فإذا وقعت بينهما مشاجرة فليس هناك
سلطة لكي تقوم بالواجب, لهذا لابد من احدهم أن يتنازل عن حقه لكي تنتهي المشكلة وخصوصاً إذا كان كل فرد منهم ينتمي إلى قبيلة, أما أذا
لم يتنازل احدهم من الممكن لكل قبيلة أن تحمي الفرد الذي ينتمي إليها
وقد تقع الحرب بين القبيلتين.
لهذا لابد من حضور رجال من القبيلتين المعنيين بالأمر لإنهاء الخلاف
بصفة سلمية مع العلم أن كل قبيلة تحمل السلاح, أليس ذاك نوع من السياسة؟!
س: قلت في السابق أن المملكة كانت تحكم من نهر السنغال إلى طنجة, كما قلت أن في الماضي أن الصحراء لم يتواجد بها ممثلين من السلطة. وهذا اعتراف منك أن الصحراء لم تحكم عليها المملكة في هذا الزمان الذي تتحدث عنه فما قولك؟
ج: يا بني صحيح أن المملكة كانت ممتدة الأطرف إلى نهر سنغال, ولكن الدول أمس ليست دولة اليوم وشعب أمس ليس الشعب اليوم, بينهم ما بين الأرض والسماء.
كانت القبائل تحب الملك بدون مقابل لكونه ينتمي للبيت الشريف
أصلا وفصلا فقط.
وكان كل صحراوي يختم دائما صلاته بدعاء للسلطان بنصر والسكينة للوطن عب الدعاء التالي :{ اللهم انصر السلطان وهدن لوطان }
كان حبهم لسلاطين راسخ في القلب وكان كل إنسان يعتمد على الله ونفسه, لم ينتظر من الدولة أن تبعث له الدراهم أو رخصة نقل لكي
يستنفع بها أو شيء من هذا القبيل.
أما شعب اليوم ليس إلا مرتزقة ولائهم واخلاصهم للمال فقط.
س: قد قيل إن السلاطين لم يزوروا الصحراء قبل الحسن الثاني هل هذا صحيح؟
ج: كلا هذا ليس صحيح الملوك زاروا الصحراء, ولكن الخطأ الذي ارتكبوه هو انهم لم يبنوا جبال بالصحراء على ظهور الصحراويين لكي
تبقى ذكرى لهم في الصحراء وانتم تعفونا من هذا السؤال الذي دائما يتكرر على مسامعنا علما انه يألمنا جدا.
س: هل يمكن أن تشرح لي أكثر حتى افهم؟
ج: كانت مصر مملكة وكان ملكهم فرعون المشهور وكان كافر وظالم وحكم الشعب المصري بيد من حديد, وأمر الشعب أن يبني جبالاً هناك ونفذوا ما قال لهم وأطلقوا عليهم اسم أهرام.
وفي هذا الزمان تحدثوا عن هذا الظالم كثيرا, فبدل من يقال أن فرعون كان يظلم الشعب المصري, الآن يقال العكس فقالوا أن الفراعنة تركوا لنا معجزة نفتخر بها.
ولكن لو فرعون لم يبني أهرام, ربما نسى الشعب المصري فرعون فيتغير تاريخ مصر العريق.
لهذا أنا أقول لو كان ملوك المغرب فعلوا ما فعل فرعون, لكانت الأمور
أسهل من ما هو عليه الأن.
انتهى كلام امحمد ولد ملد.

حياكم الله
اجوبة مقنعة
سلمت يداك

صحيح ليسى هناك حيدود في الصحراء بين الصحراويين انهم في الهوا ساوا

sadakt